فقال له يحيى بن خالد البرمكي: الذي أراه لك يا أمير المؤمنين أن تمنن عليه وتصل رحمه، فقد - والله - أفسد علينا قلوب شيعتنا. وكان يحيى يتولاه، وهارون لا يعلم ذلك.
فقال هارون: انطلق إليه وأطلق عنه الحديد، وأبلغه عنى السلام، وقل له: يقول لك ابن عمك: أنه قد سبق منى فيك يمين أني لا أخليك حتى تقر لي بالإساءة، وتسألني العفو عما سلف منك، وليس عليك في إقرارك عار، ولا في مسألتك إياي منقصة. وهذا يحيى بن خالد هو ثقتي ووزيري، وصاحب أمري، فسله بقدر ما أخرج من يميني وانصرف راشدا.
قال محمد بن عباد: فأخبرني موسى بن يحيى بن خالد: إن أبا إبراهيم (عليه السلام) قال ليحيى: يا أبا علي أنا ميت، وإنما بقي من أجلى أسبوع، أكتم موتى وائتني يوم الجمعة عند الزوال، وصل على أنت وأوليائي فرادى، وانظر إذا سار هذا الطاغية إلى الرقة، وعاد إلى العراق لايراك ولا تراه لنفسك، فإني رأيت في نجمك ونجم ولدك ونجمه أنه يأتي عليكم فاحذروه.
ثم قال: يا أبا علي أبلغه عنى: يقول لك موسى بن جعفر: رسولي يأتيك يوم الجمعة فيخبرك بما ترى، وستعلم غدا إذا جاثيتك بين يدي الله من الظالم والمعتدى على صاحبه والسلام.
فخرج يحيى من عنده، واحمرت، عيناه من البكاء حتى دخل على هارون فأخبره بقصته وما رد عليه، فقال [له] هارون: إن لم يدع النبوة بعد أيام فما أحسن حالنا.
فلما كان يوم الجمعة توفى أبو إبراهيم (عليه السلام)، وقد خرج هارون إلى المدائن قبل ذلك، فأخرج إلى الناس حتى نظروا إليه، ثم دفن (عليه السلام) ورجع الناس، فافترقوا فرقتين: