فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود يفتتل قد طالما أكلوا دهرا وما شربوا * فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا وطالما عمروا دورا لتحصنهم * ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا وطالما كنزوا الأموال وادخروا * فخلفوها على الأعداء وارتحلوا أضحت منازلهم قفرا معطلة * وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا قال: فأشفق كل من حضر على على، وظن أن بادرة تبدر منه إليه، قال: والله لقد بكى المتوكل بكاء طويلا حتى بلت دموعه لحيته، وبكى من حضره، ثم أمر برفع الشراب، ثم قال له: يا أبا الحسن، أعليك دين؟ قال: نعم أربعة آلاف دينار، فأمر بدفعها إليه، ورده إلى منزله من ساعته مكرما. (1) أمر المتوكل بقتله (عليه السلام) [450] - 10 - قال الراوندي:
روى أبو سليمان، قال: حدثنا ابن أورمة [قال] خرجت أيام المتوكل إلى سر من رأى فدخلت على سعيد الحاجب ودفع المتوكل أبا الحسن إليه ليقتله فلما دخلت عليه، قال: تحب أن تنظر إلى إلهك؟ قلت: سبحان الله إلهي لا تدركه الأبصار. قال:
هذا الذي تزعمون أنه إمامكم! قلت: ما أكره ذلك.
قال: قد أمرت بقتله، وأنا فاعله غدا - وعنده صاحب البريد - فإذا خرج فادخل إليه، فلم ألبث أن خرج، قال: أدخل.
فدخلت الدار التي كان فيها محبوسا فإذا هو ذا بحياله قبر يحفر، فدخلت وسلمت وبكيت بكاء شديدا، قال: ما يبكيك؟ قلت: لما أرى.