الغيبة الصغرى [557] - 38 - المفيد:
كان سنه عند وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب وجعله آية للعالمين، وآتاه الحكمة كما آتاها يحيى صبيا وجعله إماما في حال الطفولية الظاهرة، كما جعل عيسى بن مريم (عليه السلام) في المهد نبيا.
وقد سبق النص عليه في ملة الإسلام من نبي الهدى (صلى الله عليه وآله)، ثم من أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عليه السلام)، ونص عليه الأئمة (عليهم السلام) واحدا بعد واحد إلى أبيه الحسن (عليه السلام)، ونص أبوه عليه عند ثقاته وخاصة شيعته.
وكان الخبر بغيبته ثابتا قبل وجوده وبدولته مستفيضا قبل غيبته، وهو صاحب السيف من أئمة الهدى (عليهم السلام)، والقائم بالحق المنتظر لدولة الإيمان.
وله قبل قيامه غيبتان: إحداهما أطول من الأخرى كما جاءت بذلك الأخبار، فأما القصرى منهما منذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته، وعدم السفراء بالوفاة، وأما الطولى فهي بعد الأولى وفي آخرها يقوم بالسيف.
قال الله تعالى: (و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين و نمكن لهم في الأرض و نري فرعون و هامان و جنودهما منهم ما كانوا يحذرون). (1) وقال جل اسمه: (و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون). (2) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لن تنقضى الأيام والليالي، حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمى، يملؤها عدلا وقسطا، كما ملئت ظلما وجورا. (3)