فقال: يا هؤلاء أنتم إلى إقامة دينكم أحوج منكم إلى إقامة ألسنتكم. وساق الكلام إلى إمام الوقت.
وقال: ليس بينكم وبينه غير هذا الجدار، قلنا: تعنى هذا المحبوس موسى؟ قال:
نعم. قلنا: سترنا عليك فقم من عندنا خيفة أن يراك أحد جليسنا فنؤخذ بك.
قال: والله لا يفعلون ذلك أبدا والله ما قلت لكم إلا بأمره، وأنه ليرانا ويسمع كلامنا، ولو شاء أن يكون ثالثنا لكان.
قلنا: فقد شئنا فادعه إلينا، فإذا قد أقبل رجل من باب المسجد داخلا كادت لرؤيته العقول أن تذهل فعلمنا أنه موسى بن جعفر (عليهما السلام)؛ ثم قال: أنا هذا الرجل وتركنا وخرجنا (1) من المسجد مبادرا فسمعنا وجيبا (2) شديدا، وإذا السندي بن شاهك يعدو داخلا إلى المسجد معه جماعة، فقلنا: كان معنا رجل فدعانا إلى كذا وكذا ودخل هذا الرجل المصلى وخرج ذاك الرجل ولم نره.
فأمر بنا فأمسكنا، ثم تقدم إلى موسى وهو قائم في المحراب فأتاه من قبل وجهه ونحن نسمع فقال: يا ويحك كم تخرج بسحرك هذا وحيلتك من وراء الأبواب والأغلاق والأقفال وأردك، فلو كنت هربت كان أحب إلى من وقوفك هيهنا، أتريد يا موسى أن يقتلني الخليفة؟
قال: فقال موسى - ونحن والله نسمع كلامه -: كيف أهرب ولله في أيديكم موقت لي يسوق إليها أقداره وكرامتي على أيديكم - في كلام له - قال: فأخذ السندي بيده ومشى، ثم قال للقوم: دعوا هذين وأخرجوا إلى الطريق فامنعوا أحدا يمر من الناس حتى أتم أنا وهذا إلى الدار! (3)