يحضر جعفرا ففعل، فلما أتاه قال له الربيع: يا أبا عبد الله أذكر الله فإنه قد أرسل إليك بما لا دافع له غير الله؛ فقال جعفر: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم إن الربيع أعلم المنصور بحضوره، فلما دخل جعفر عليه أوعده وأغلظ له وقال: أي عدو الله اتخذك أهل العراق إماما يجبون إليك زكاة أموالهم وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل، قتلني الله إن لم أقتلك فقال له:
يا أمير المؤمنين إن سليمان (عليه السلام) أعطى فشكر، وإن أيوب أبتلى فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وأنت من ذلك السنخ، فلما سمع ذلك المنصور منه قال له: إلى وعندي يا أبا عبد الله، أنت البريء الساحة، السليم الناحية، القليل الغائلة؛ جزاك الله من ذي رحم أفضل ما جزى ذوى الأرحام عن أرحامهم.
ثم تناول يده فأجلسه معه على فراشه، ثم قال: علي بالطيب، فأتى بالغالية فجعل يغلف لحية جعفر بيده حتى تركها تقطر، ثم قال: قم في حفظ الله وكلائته، ثم قال: يا ربيع، ألحق أبا عبد الله جائزته وكسوته، انصرف أبا عبد الله في حفظه وكنفه فانصرف.
قال الربيع ولحقته فقلت له: إني قد رأيت قبلك ما لم تره، ورأيت بعدك ما لا رأيته فما قلت يا أبا عبد الله حين دخلت؟ قال: قلت اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام، واغفر لي بقدرتك على، ولا أهلك وأنت رجائي، اللهم أنت أكبر وأجل مما أخاف وأحذر، اللهم بك أدفع في نحره وأستعيذ بك من شره ففعل الله بي ما رأيت. (1) [178] - 5 - قال ابن الصباغ:
حدث عبد الله بن الفضل بن الربيع، قال: حج المنصور في سنة سبع وأربعين