فقال لي؟ يا محمد لقد هلك من أولاد فاطمة مقدار مائة أو يزيدون وقد بقي سيدهم وإمامهم.
فقلت له: من ذلك؟ قال: جعفر بن محمد الصادق. فقلت له: يا أمير المؤمنين أنه رجل أنحلته العبادة واشتغل بالله عن طلب الملك والخلافة.
فقال: يا محمد وقد علمت أنك تقول به وبإمامته، ولكن الملك عقيم وقد آليت على نفسي أن لا أمسى عشيتي هذه، أو أفرغ منه، قال محمد: والله لقد ضاقت على الأرض برحبها، ثم دعا سيافا وقال له: إذا أنا أحضرت أبا عبد الله الصادق وشغلته بالحديث، ووضعت قلنسوتي عن رأسي فهي العلامة بيني وبينك فاضرب عنقه.
ثم أحضر أبا عبد الله (عليه السلام) في تلك الساعة ولحقته في الدار وهو يحرك شفتيه فلم أدر ما هو الذي قرأ؟ فرأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجج البحار، فرأيت أبا جعفر المنصور وهو يمشي بين يديه حافي القدمين، مكشوف الرأس قد اصطكت أسنانه، وارتعدت فرائصه، يحمر ساعة، ويصفر أخرى، وأخذ بعضد أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) وأجلسه على سرير ملكه، وجثا بين يديه، كما يجثو العبد بين يدي مولاه. ثم قال له:
يا ابن رسول الله ما الذي جاء بك في هذه الساعة؟ قال: جئتك يا أمير المؤمنين طاعة لله عزوجل ولرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولأمير المؤمنين أدام الله عزه قال: ما دعوتك والغلط من الرسول، ثم قال: سل حاجتك، فقال: أسألك أن لا تدعوني لغير شغل، قال: لك ذلك وغير ذلك؟
ثم انصرف أبو عبد الله (عليه السلام)، وحمدت الله عزوجل كثيرا ودعا أبو جعفر المنصور بالروايح ونام، ولم ينتبه إلا في نصف الليل، فلما انتبه كنت عند رأسه جالسا فسره ذلك وقال لي، لا تخرج حتى أقضى ما فاتني من صلاتي فأحدثك بحديث، فلما