أبا عبد الله (عليه السلام) أقام مولى له بسيف مسلول قد أسبل عليه كمه، وقال: إذا دخل جعفر وصرت خلفه [وأشرت إليك] فاضرب عنقه.
فلما دخل، ونظر إلى الدوانيقي (أسر شيئا فيما) بينه وبين نفسه لم ندر ما هو إلا قوله: " يا من يكفى خلقه كله ولا يكفيه أحد، اكفني شر عبد الله بن محمد ".
فصار أبو جعفر الدوانيقي لا يبصر مولاه فيومئ، إليه، وصار مولاه لا يبصره ولا يرى أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال له: لقد عنيتك (1) يا جعفر في هذا الحر [الأمر] فانصرف.
فانصرف أبو عبد الله (عليه السلام)، فقال الدوانيقي لمولاه: ويلك، ما منعك من أن تمتثل أمري؟! قال: لا والله ما أبصرته ولا أبصرتك حتى خرج، ولقد دهمني (2) حجاب حال بيني وبينه وبينك.
فقال الدوانيقي: لئن تحدثت بهذا لأقتلنك بدلا منه. (3) [181] - 8 - روى الحر العاملي:
إن المنصور لما أراد قتل أبي عبد الله استدعى قوما من الأعاجم لا يفهمون ولا يعقلون، فخلع عليهم الديباج المقفل والوشي المنسوج وحمل إليهم الأموال، ثم استدعاهم وكانوا مائة رجل وقال للترجمان: قل لهم إن لي عدوا يدخل على الليلة فاقتلوه إذا دخل.
قال: فأخذوا أسلحتهم ووقفوا متمثلين لأمره فاستدعى جعفرا وأمره أن يدخل وحده، ثم قال للترجمان: قل لهم: هذا عدوي فقطعوه فلما دخل (عليه السلام) تعاووا عوى الكلاب ورموا أسلحتهم، وكتفوا أيديهم إلى ظهورهم وخروا له سجدا ومرغوا