على بغلة، حتى دخل على عائشة فقال لها: يا أم المؤمنين، إن الحسين يريد أن يدفن أخاه الحسن عند قبر جده، ووالله لئن دفنه معه ليذهبن فخر أبيك وصاحبه عمر إلى يوم القيامة.
فقالت له: فما أصنع يا مروان؟
قال: تلحقي به وتمنعي من الدخول إليه.
قالت: فكيف ألحقه؟
قال: هذا بغلى فاركبيه والحقي القوم قبل الدخول.
فنزل لها عن بغله، وركبته، وأسرعت إلى القوم، وكانت أول امرأة ركبت السرج هي، فلحقتهم وقد صاروا إلى حرم قبر جدهما رسول الله، فرمت بنفسها بين القبر والقوم، قالت: والله، لا يدفن الحسن ها هنا أو تحلق هذه وأخرجت ناصيتها بيدها.
وكان مروان لما ركبت بغله جمع من كان من بني أمية وحثهم، فأقبل هو وأصحابه وهو يقول: يا رب هيجا هي خير من دعة.
أيدفن عثمان في أقصى البقيع ويدفن الحسن مع رسول الله؟! والله، لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السيف.
وكادت الفتنة تقع، وعائشة تقول: والله، لا يدخل دارى من أكره.
فقال لها الحسين: هذه دار رسول الله، وأنت حشية من تسع حشيات خلفهن رسول الله، وإنما نصيبك من الدار موضع قدميك. فأراد بنو هاشم الكلام وحملوا السلاح، فقال الحسين: الله الله، لا تفعلوا فتضيعوا وصية أخي.
وقال لعائشة: لولا أنه أوصى الى ألا اهريق فيه محجمة دم لدفنته ها هنا ولو رغم لذلك أنفك. وعدل به إلى البقيع فدفنه فيه مع الغرباء.
وقال عبد الله بن عباس: يا حميراء، كم لنا منك؟! فيوم على جمل، ويوم على بغل!
فقالت: ان شاء أن يكون يوم على جمل، ويوم على بغل، والله ما يدخل الحسن دارى. (1)