اشدد حيازيمك للموت * فإن الموت لاقيكا ولا تجزع من الموت * فقد حل بواديكا فقد أعرف أقواما * وإن كانوا صعاليكا مصاريع إلى النجدة * وللغى متاريكا قال: ثم مضى يريد المسجد وهو يقول:
خلوا سبيل المؤمن المجاهد * في الله لا يعبد غير الواحد ويوقظ الناس إلى المساجد قال: ثم جاء حتى وقف في موضع الأذان، فأذن ودخل المسجد. وقد كان عبد الرحمن ابن ملجم تلك الليلة في منزل قطام بنت الأضبع، فلما سمعت أذان علي (عليه السلام) قامت إليه وهو نائم وكان تناول نبيذا، فأيقظته وقالت: يا أخا مراد! هذا أذان علي، قم فاقض حاجتنا وارجع قرير العين مسرورا، ثم ناولته سيفه; فقال ابن ملجم: بل أرجع والله سخين العين مثبورا، وقد سمعت عليا يقول: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن أشقى الأولين قدار بن سالف عاقر ناقة صالح، وأشقى الآخرين قاتل علي بن أبي طالب، فما أخوفني أن أكون ذلك الرجل.
قال: ثم تناول سيفه وجاء حتى دخل المسجد ورمى بنفسه بين النيام، وأذن علي (عليه السلام) ودخل المسجد، فجعل ينبه من في المسجد من النيام، ثم صار إلى محرابه فوقف فيه، فافتتح الصلاة وقرأ، فلما ركع وسجد سجدة واستوى قاعدا، وأراد أن يسجد الثانية ضربه ابن ملجم ضربة على رأسه. فوقعت الضربة على الضربة التي كان ضربها عمرو بن عبدود يوم الخندق بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم بادر فخرج من المسجد هاربا، وسقط علي (عليه السلام) لما به وتسامع الناس بذلك وقالوا: قتل أمير المؤمنين ودنت الصلاة، فقام الحسن بن علي فتقدم فصلى بالناس ركعتين خفيفتين.
ثم احتمل علي إلى صحن المسجد وأحدق الناس به فقالوا: من فعل هذا بك يا أمير المؤمنين! فقال لا تعجلوا، فإن الذي فعل بي هذا سيدخل عليكم الساعة من هذا