عاد إليها ابن ملجم في ليلة الجمعة التي قتل في صبيحتها علي سنة أربعين - فقال:
هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبي أن يقتل كل منا صاحبه، فدعت لهم بالحرير فعصبتهم به، وأخذوا أسيافهم وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي، فلما خرج ضربه شبيب بالسيف. فوقع سيفه بعضادة الباب أو الطاق، وضربه ابن ملجم في قرنه بالسيف، وهرب وردان حتى دخل منزله، فدخل عليه رجل من بني أبيه وهو ينزع الحرير عن صدره، فقال: ما هذا الحرير والسيف؟ فأخبره بما كان وانصرف فجاء بسيفه فعلا به وردان حتى قتله، وخرج شبيب نحو أبواب كندة في الغلس، وصاح الناس، فلحقه رجل من حضرموت يقال له عويمر، وفي يد شبيب السيف، فأخذه وجثم عليه الحضرمى، فما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه، وسيف شبيب في يده، خشي على نفسه، فتركه، ونجا شبيب في غمار الناس، فشدوا على ابن ملجم فأخذوه إلا أن رجلا من همدان يكنى أبا أدماء أخذ سيفه فضرب رجله، فصرعه، وتأخر علي، ورفع في ظهره جعدة بن هبيرة بن أبي وهب، فصلى بالناس الغداة، ثم قال على: على بالرجل، فادخل عليه، ثم قال: أي عدو الله، ألم أحسن إليك! قال: بلى، قال: فما حملك على هذا؟ قال: شحذته أربعين صباحا، وسألت الله أن يقتل به شر خلقه; فقال (عليه السلام): لا أراك إلا مقتولا به، ولا أراك إلا من شر خلقه. (1) [589] - 3 - قال ابن عثم:
فلما كان يوم ثالث وعشرين من شهر رمضان خرج علي من منزله، فلما صار في صحن الدار كان في داره شئ من الوز [الإوز]، فتصايح الوز في وجهه، فقال علي (عليه السلام): صوائح تتبعها نوائح. فقال له ابنه الحسين: يا أبة! ما هذه الطيرة؟ فقال: يا بنى! لم أتطير، ولكن قلبي يشهد أني مقتول في هذا الشهر. قال: وجاء علي (عليه السلام) إلى باب دار مفتحة ليخرج، فتعلق الباب بمئزره فحل مئزره وهو يقول: