المتراكم; وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق. ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز. ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة - ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع - أو أبيت مبطانا وحولى بطون غرثى وأكباد حرى أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة * وحولك أكباد تحن إلى القد!
أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين، ولا اشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش! فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة، همها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها، تكترش من أعلافها، وتلهو عما يراد بها، أو أترك سدى، أو أهمل عابثا، أو أجر حبل الضلالة، أو اعتسف طريق المتاهة! وكأني بقائلكم يقول: " إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب، فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران، ومنازلة الشجعان " ألا وإن الشجرة البرية أصلب عودا، والرواتع الخضرة أرق جلودا، والنابتات العذية أقوى وقودا، وأبطأ خمودا. وأنا من رسول الله كالضوء من الضوء، والذراع من العضد. والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها، ولو أمكنت والفرص من رقابها لسارعت إليها وسأجهد في أن اطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس، والجسم المركوس، حتى تخرج المدرة من بين حب الحصيد. (1) [544] - 54 - روى ابن أبي شيبة:
عن يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن محمد عن عبيدة قال: قال علي (عليه السلام) ما يحبس أشقاها أن يجبيني فيقتلني، اللهم إنني قد سئمتهم وسئموني فأرحني منهم وأرحهم مني. (2)