فأنت قد عصيت الله ورسوله بقبولك منا ولا طاعة لمن عصى الله. وخرجوا من الكوفة مصرين على قتاله (عليه السلام) وأمروا عليهم عبد الله بن وهب وذا الثدية وقالوا: ما نريد بقتالك إلا وجه الله والدار الآخرة، فقرا (عليه السلام): هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
ثم التحم القتال، وحمل عليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) حملة واحدة، فلم تمض إلا ساعة حتى قتلوا بأجمعهم سوى تسعة أنفس فإنهم هربوا، وقتل من أصحاب علي (عليه السلام) تسعة، عدد من سلم من الخوارج، وكان (عليه السلام) قد أخبر من قبل القتال بانا نقتلهم ولا يقتل منا عشرة ولا يسلم منهم عشرة.
فهذه وقعة النهروان وهو قتاله (عليه السلام) للخوارج المارقين الذين قال النبي (صلى الله عليه وآله) في حقهم: إنهم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة وأعظمهم يوم القيامة عند الله وسيلة. (1) [539] - 49 - قال السيد الرضى:
[من كلام له (عليه السلام) وقد قالها يستنهض بها الناس حين ورد خبر غزو الأنبار بجيش معاوية فلم ينهضوا. فيها يذكر فضل الجهاد، ويستنهض الناس ويذكر علمه بالحرب ويلقى عليهم التبعة لعدم طاعته].
أما بعد... ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسرا وإعلانا، وقلت لكم: اغزوهم قبل أن يغزوكم فوالله ما غزى قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت عليكم الغارات، وملكت عليكم الأوطان. وهذا أخو غامد وقد وردت خيله الأنبار. وقد قتل حسان بن حسان البكري. وأزال خيلكم عن مسالحها ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة. فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعثها، ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام.
ثم انصرفوا وافرين ما نال رجلا منهم كلم، ولا أريق لهم دم; فلو أن امرأ مسلما