فإن كبر السن وصغره لا دخل لهما في تولي منصب الإمامة الذي يتعين من قبل الله تبارك وتعالى، كما هو الحال في منصب النبوة الذي يشاكله في كثير من خصوصياته.
ويقترب موسم الحج من ذلك العام وهو سنة (203 ه)، فاجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلا، وخرجوا إلى الحج، وقصدوا المدينة، وأتوا دار أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) فدخلوها، وبسط لهم بساط أحمر، وخرج إليهم عبد الله بن موسى بن جعفر، فجلس في صدر المجلس. وقام مناد فنادى:
هذا ابن رسول الله، فمن أراد السؤال فليسأل.
فقام إليه رجل من القوم فقال له: ما تقول في رجل قال لامرأته أنت طالق عدد نجوم السماء؟
قال: طلقت ثلاث دون الجوزاء.
فورد على الشيعة ما زاد في غمهم وحزنهم.
ثم قام إليه رجل آخر فقال: ما تقول في رجل أتى بهيمة؟
قال: تقطع يده، ويجلد مئة جلدة، وينفى.
فضج الناس بالبكاء، وكان قد اجتمع فقهاء الأمصار، فهم في ذلك إذ فتح باب من صدر المجلس، وخرج موفق ثم خرج أبو جعفر وعليه قميصان وإزار، وعمامة بذؤابتين إحداهما من قدام والأخرى من خلف، ونعل بقبالين (1)، فجلس وأمسك الناس كلهم، ثم قام إليه صاحب المسألة الأولى.
فقال: يا بن رسول الله، ما تقول فيمن قال لامرأته أنت طالق عدد نجوم السماء؟