إلا ما كان ممن في قلبه مرض، فإنه يقول ما يحلو له أو يوسوس له شيطانه، فيتقول بما لم يقم له وزن أمام الحقائق الثابتة.
وكل ما قيل في حق أهل البيت (عليهم السلام) هو دون بلوغ شأوهم وكنه حقيقتهم، فقد ورد في الأثر عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قوله: " اجعلونا مخلوقين، وقولوا فينا ما شئتم فلن تبلغوا... " (1).
وعن مولى الموحدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: " إياكم والغلو فينا، قولوا إنا عبيد مربوبون، وقولوا في فضلنا ما شئتم " (2).
وقال (عليه السلام) أيضا: " لا تتجاوزوا بنا العبودية، ثم قولوا ما شئتم ولن تبلغوا، وإياكم والغلو كغلو النصارى، فإني بريء من الغالين " (3).
نعم، قد يتصور البعض من سذج الناس أو من كانت نفوسهم صغيرة لم تتمرس مدارج الكمال بعد، وأرواحهم ضعيفة لا تحتمل بعض الحقائق والأسرار، أن المبالغة والاجتهاد في المديح والثناء على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) هو من قبيل الإسفاف في الكلام، وخروج عن الطبيعة، وغلو غير محمود.
فالناس - كما هو معلوم - معادن كمعادن الذهب والفضة، والنفوس تتفاوت حسب جبلاتها واستعداداتها في تلقي تلك الحقائق والأسرار، فمنها ما تبهضه المعضلات والأسرار فلا يسعها الرضوخ لما لا تعلم أو لم تتوصل إليه. ومنها من وصلت إلى درجة أرقى في الكمال والعرفان فأصبحت في موقف لا تبيح لها معرفتها، وما لمسته من الحقائق الراهنة أن يذروا ما حققوه مغمورا أو طي