وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) ساروا على هديه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأخذوا يستنشدون الشعر وينشدونه. ولم يلبثوا إلا قليلا حتى حدثت فاجعة يوم عاشوراء في كربلاء والتي تركت بصماتها الثابتة التي لا تمحى من ذاكرة التأريخ بمرور الأزمان، وخاصة على الأدب.
وقد تأثر الأدب الشيعي بواقعة كربلاء تأثرا كبيرا فاق كل الأغراض الأخرى وطفح عليها، حتى ملأ الدواوين والمجاميع الشعرية. بل، ولقد ملأ أدب الطف بمفرده المجلدات الضخمة الكثيرة.
ولم يقتصر استئثار وقعة الطف الأليمة على الأدب الشيعي وحسب، فلقد أنشد فيها حتى من غير المسلمين؛ لما لمسوا خلالها من عظم الخطب، وقساوة الطرف المنتصر ميدانيا، وتهوره بالإيغال في الجريمة مما لم يكن معهودا حتى عند سفلة الناس وأوباشهم. فاقشعرت لها الأبدان، واهتزت منها الأعماق، فراحوا ينظمون الملاحم مستلهمين قريضهم من وحي المأساة؛ ولما وجدوا من تمسك الطرف الآخر بالمبدأ الحق، وثباته على العقيدة الصحيحة، وتحليه بالصبر والحلم والإشفاق حتى في ساحة النزال، وساعة الصراع من أجل الموت أو الحياة، وهو القليل العدة والعدد..
الخاسر في ميدان الحرب سلفا؛ لعدم تكافؤ طرفي النزاع بأي شكل من الأشكال..
المنتصر في واقع التأريخ وعالم الوجود..
ظنوا بأن قتل الحسين يزيدهم * لكنما قتل الحسين يزيدا فوقف أولئك الأدباء، كل الأدباء، أمام الحدث والهين قد تصدعت قلوبهم من هول المصاب، وبشاعة المجزرة الدامية، وراحوا يعبرون عما اختلج في ضمائرهم بما جادت به قرائحهم من القريض المنضد المسبوك، فمنحوا منه تأريخ