الإمامة بعد أبيه. ولما امتد بالرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) العمر إلى نحو الخامسة والأربعين ولم يرزق بعد مولودا، شمت به الحاسدون وبعض الواقفية والأعداء، وأثاروا حول شخصيته العظيمة غبار أحقادهم، وعجروا وبجروا بأن الرضا ليس إماما؛ لعدم إنجابه كي تستمر به سلسلة الإمامة الذهبية. فكان صلوات الله عليه يرد على الشاكين والمشككين بأن الإمامة في ولده.
وقد أورد العلامة الشيخ المفيد - عليه الرحمة - في إرشاده (1) ثلاث روايات ونقلها عنه المجلسي في البحار (2) تباعا، أكد الإمام (عليه السلام) في الأولى بأن الأيام والليالي لا تمضي حتى يرزقه الله ذكرا يفرق به بين الحق والباطل.
وفي الرواية الثانية يجزم (عليه السلام) بأن الإمام من بعده ابنه، ولم يكن له ولد، ثم يقول (عليه السلام): " هل يجترئ أحد أن يقول: ابني، وليس له ولد؟! "، تقول الرواية:
فلم تمض الأيام حتى ولد [الإمام محمد الجواد] صلوات الله عليه.
ويدخل عليه مرة ابن قياما الواقفي، ويحتج عليه بعدم إمامته؛ لعدم إنجابه من يخلفه في الإمامة. ويجيبه الإمام بقطع وحزم، جواب واثق مطمئن، فيقول:
" والله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق وأهله، ويمحق به الباطل وأهله ". وبعد مرور سنة من هذا الحوار يولد الإمام الجواد (عليه السلام)، وتتم الحجة للإمام الرضا (عليه السلام) على أعدائه. وللاطلاع على تفاصيل الروايات متونا وإسنادا، راجع موضوع النص على إمامته (عليه السلام) من الفصل الثاني.
هذا ما كان قبل مولده الشريف الميمون، أما ولادته (عليه السلام) فكانت سنة (195 ه) على هاجرها آلاف التحية والسلام، الموافقة لسنة (811 م) يوم الجمعة