كل ذلك عن تبليغ رسالة الإسلام، في ارشاد الضال وتوعية الأمة، وتعرية الحكام وتبليغ الرسالة في أسلوب علمي رصين ودراسة عميقة، تحكي في سلوكها ما جاء به الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في رسالته، رغم شدة الظروف القاسية الحرجة التي مارسها حكام الظلم والجور ضد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) حتى قضوا عليهم مشردين في بقاع الأرض. حتى استشهد شاعر أهل البيت بهذه الأبيات.
لا أضحك الله سن الدهر ان ضحكت * وآل احمد مظلومون قد قهروا مشردون نفوا عن عقر دارهم * كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر وهذا الامام الجواد بن الرضا (عليه السلام) سليل النبوة لما سنحت له الفرصة وثنيت له الوسادة منذ نعومة أظفاره وحداثة سنة، وعز شبابه، فقد ملأ الدنيا علما ودراية بشتى فنونها.
ويكفيه فخرا ان ألجم قاضي قضاة الحكم العباسي يحيى بن أكثم وهو ابن سبع سنين والقمة حجرا، في المؤتمر العام الذي أمر المأمون العباسي بعقده بحضور الامراء من بني العباس، والعلماء والحكام والقواد، في سرادق سلطانه.
ولما قررت ان أترجم لسيرة هذا الامام الفذ على الرغم من قصر عمره الشريف الذي لم يبلغ الخامسة والعشرين عاما، وجدت نفسي امام بحر عجاج متلاطم الأمواج لا يسبر غوره، ولا يدرك ضفافه، فغصت في أعماقه واستخرجت ما يمكن استخراجه من اللآلئ النضرة، ونضدتها في صحن الولاء، اقدمها لك عزيزي الغالي لتأخذ منها ما يحلو لك وما يهمك من العظة والعبر والارشاد، عسى ان تنتفع به وتجعله نبراسا ينير دربك، وتقتدي به في سلوكك أيام حياتك لينفعك في آخرتك. ولعلك تجد هفوة في تعبير، أو زلة قلم، راجيا اعلامي حتى أتدارك الخطاء في الطبعات الآتية. " سبحان من لا يخطئ ".
وسيليه المجلد الرابع عشر في ترجمة وسيرة الامام العاشر أبي الحسن علي