هذا الدين مناقب وآثارا؛ لسوابقي وقرابتي ووراثتي، فضلا عن استحقاقي ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها، والبيعة المتقدمة في أعناقهم ممن تناولها، وقد قبض محمد (صلى الله عليه وآله) وإن ولاية الأمة في يده وفي بيته، لا في يد الألى تناولوها ولا في بيوتهم، ولأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أولى بالأمر من بعده من غيرهم في جميع الخصال. ثم التفت (عليه السلام) إلى أصحابه فقال:
أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال (عليه السلام): وأما الرابعة يا أخا اليهود، فإن القائم بعد صاحبه كان يشاورني في موارد الأمور فيصدرها عن أمري، ويناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي، لا أعلم أحدا ولا يعلمه أصحابي يناظره في ذلك غيري، ولا يطمع في الأمر بعده سواي، فلما أن أتته منيته على فجأة بلا مرض كان قبله، ولا أمر كان أمضاه في صحة من بدنه، لم أشك أني قد استرجعت حقي في عافية بالمنزلة التي كنت أطلبها، والعاقبة التي كنت ألتمسها، وإن الله سيأتي بذلك على أحسن ما رجوت، وأفضل ما أملت، وكان من فعله أن ختم أمره بأن سمى قوما أنا سادسهم، ولم يستوني (1) بواحد منهم، ولا ذكر لي حالا في وراثة الرسول، ولا قرابة، ولا صهر، ولا نسب، ولا لواحد منهم مثل سابقة من سوابقي، ولا أثر من آثاري، وصيرها شورى بيننا، وصير ابنه فيها حاكما علينا، وأمره أن يضرب أعناق النفر الستة الذين صير الأمر فيهم إن لم ينفذوا أمره، وكفى بالصبر على هذا - يا أخا اليهود - صبرا.
فمكث القوم أيامهم كلها كل يخطب لنفسه، وأنا ممسك عن أن سألوني عن أمري، فناظرتهم في أيامي وأيامهم، وآثاري وآثارهم، وأوضحت لهم ما لم