عذرا، فأعلمت الرأي في ذلك، وشاورت من أثق بنصيحته لله عز وجل ولرسوله (صلى الله عليه وآله) ولي وللمؤمنين، فكان رأيه في ابن آكلة الأكباد كرأيي، ينهاني عن توليته، ويحذرني أن أدخل في أمر المسلمين يده، ولم يكن الله ليراني أتخذ المضلين عضدا (1).
فوجهت إليه أخا بجيلة مرة، وأخا الأشعريين مرة، كلاهما ركن إلى الدنيا، وتابع هواه فيما أرضاه، فلما لم أره أن يزداد فيما انتهك من محارم الله إلا تماديا شاورت من معي من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) البدريين، والذين ارتضى الله عز وجل أمرهم ورضي عنهم بعد بيعتهم، وغيرهم من صلحاء المسلمين والتابعين، فكل يوافق رأيه رأيي؛ في غزوه ومحاربته ومنعه مما نالت يده.
وإني نهضت إليه بأصحابي، أنفذ إليه من كل موضع كتبي، وأوجه إليه رسلي، أدعوه إلى الرجوع عما هو فيه، والدخول فيما فيه الناس معي، فكتب يتحكم علي، ويتمنى علي الأماني، ويشترط علي شروطا لا يرضاها الله عز وجل ورسوله ولا المسلمون، ويشترط في بعضها أن أدفع إليه أقواما من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أبرارا، فيهم عمار بن ياسر، وأين مثل عمار؟! والله لقد رأيتنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) وما يعد منا خمسة إلا كان سادسهم، ولا أربعة إلا كان خامسهم، اشترط دفعهم إليه ليقتلهم ويصلبهم. وانتحل دم عثمان، ولعمرو الله ما ألب (2) على عثمان ولا جمع الناس على قتله إلا هو وأشباهه من أهل بيته، أغصان الشجرة الملعونة في القرآن.
فلما لم أجب إلى ما اشترط من ذلك كر مستعليا في نفسه بطغيانه وبغيه،