ومخلوق في الغرائز، كما يشاهد الناس على الجرف إنسانا قد وقع في الماء العميق، وهو لا يحسن السباحة؛ فإنهم بالطبع البشري يرقون عليه رقة شديدة، وقد يلقي قوم منهم أنفسهم في الماء نحوه، يطلبون تخليصه، لا يتوقعون على ذلك مجازاة منه بمال أو شكر، ولا ثوابا في الآخرة، فقد يكون منهم من لا يعتقد أمر الآخرة، ولكنها رقة بشرية، وكأن الواحد منهم يتخيل في نفسه أنه ذلك الغريق، فكما يطلب خلاص نفسه لو كان هذا الغريق، كذلك يطلب تخليص من هو في تلك الحال الصعبة للمشاركة الجنسية.
وكذلك لو أن ملكا ظلم أهل بلد من بلاده ظلما عنيفا، لكان أهل ذلك البلد يتعصب بعضهم لبعض في الانتصار من ذلك الملك، والاستعداء عليه، فلو كان من جملتهم رجل عظيم القدر، جليل الشأن، قد ظلمه الملك أكثر من ظلمه إياهم، وأخذ أمواله وضياعه، وقتل أولاده وأهله، كان لياذهم به، وانضواؤهم إليه، واجتماعهم والتفافهم به أعظم وأعظم؛ لأن الطبيعة البشرية تدعو إلى ذلك على سبيل الإيجاب الاضطراري، ولا يستطيع الإنسان منه امتناعا.
وهذا محصول قول النقيب أبي جعفر، قد حكيته والألفاظ لي والمعنى له؛ لأني لا أحفظ الآن ألفاظه بعينها، إلا أن هذا هو كان معنى قوله وفحواه (1).
9 / 4 أبو علي ابن سينا (2) 3951 - (3) معراج نامه: قال أشرف البشر وأعز الأنبياء وخاتم الرسل لمركز دائرة