أما بعد؛ فإذا أتاك كتابي هذا، فاحمل معاوية على الفصل، وخذه بالأمر الجزم، ثم خيره بين حرب مجلية، أو سلم محظية، فإن اختار الحرب فانبذ له، وإن اختار السلم فخذ بيعته.
فلما انتهى الكتاب إلى جرير أتى معاوية فأقرأه الكتاب، فقال له: يا معاوية، إنه لا يطبع على قلب إلا بذنب، ولا يشرح صدر إلا بتوبة، ولا أظن قلبك إلا مطبوعا. أراك قد وقفت بين الحق والباطل كأنك تنتظر شيئا في يدي غيرك.
فقال معاوية: ألقاك بالفيصل أول مجلس إن شاء الله. فلما بايع معاوية أهل الشام وذاقهم قال: يا جرير! الحق بصاحبك. وكتب إليه بالحرب، وكتب في أسفل كتابه بقول كعب بن جعيل:
أرى الشام تكره ملك العراق * وأهل العراق لها كارهونا وكل لصاحبه مبغض * يرى كل ما كان من ذاك دينا (1)