قال: فصاحت الخوارج من كل ناحية وقالوا: فكأن عمرو بن العاص عندك من العدول، وأنت تعلم أنه كان في الجاهلية رأسا، وفي الإسلام ذنبا، وهو الأبتر ابن الأبتر، ممن قاتل محمدا (صلى الله عليه وآله)، وفتن أمته من بعده!
قال: فقال ابن عباس: يا هؤلاء! إن عمرو بن العاص لم يكن حكما، أفتحتجون به علينا؟ إنما كان حكما لمعاوية، وقد أراد أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه) أن يعبثني أنا فأكون له حكما، فأبيتم عليه وقلتم: قد رضينا بأبي موسى الأشعري، وقد كان أبو موسى - لعمري - رضي في نفسه وصحبته وإسلامه وسابقته، غير أنه خدع فقال ما قال، وليس يلزمنا من خديعة عمرو بن العاص لأبي موسى، فاتقوا ربكم، وارجعوا إلى ما كنتم عليه من طاعة أمير المؤمنين، فإنه وإن كان قاعدا عن طلب حقه فإنما ينتظر انقضاء المدة ثم يعود إلى محاربة القوم، وليس علي (رضي الله عنه) ممن يقعد عن حق جعله الله له.
قال: فصاحت الخوارج؛ قالوا: هيهات يا بن عباس! نحن لا نتولى عليا بعد هذا اليوم أبدا، فارجع إليه وقل له فليخرج إلينا بنفسه؛ حتى نحتج عليه، ونسمع كلامه، ويسمع من كلامنا، فلعلنا إن سمعنا منه شيئا يعلق إما (1) أن نرجع عما اجتمعنا عليه من حربه.
قال: فخرج عبد الله بن عباس إلى علي (رضي الله عنه) فخبره بذلك (2).
2673 - شرح نهج البلاغة عن عمر مولى غفرة: لما رجع علي (عليه السلام) من صفين إلى الكوفة، أقام الخوارج حتى جموا (3)، ثم خرجوا إلى صحراء بالكوفة تسمى