حروراء، فنادوا: لا حكم إلا لله ولو كره المشركون. ألا إن عليا ومعاوية أشركا في حكم الله.
فأرسل علي (عليه السلام) إليهم عبد الله بن عباس، فنظر في أمرهم، وكلمهم، ثم رجع إلى علي (عليه السلام)، فقال له: ما رأيت؟
فقال ابن عباس: والله، ما أدري ما هم!
فقال له علي (عليه السلام): رأيتهم منافقين؟
قال: والله، ما سيماهم بسيما المنافقين، إن بين أعينهم لأثر السجود، وهم يتأولون القرآن.
فقال علي (عليه السلام): دعوهم ما لم يسفكوا دما، أو يغصبوا مالا. وأرسل إليهم: ما هذا الذي أحدثتم، وما تريدون؟
قالوا: نريد أن نخرج نحن وأنت ومن كان معنا بصفين ثلاث ليال، ونتوب إلى الله من أمر الحكمين، ثم نسير إلى معاوية فنقاتله، حتى يحكم الله بيننا وبينه.
فقال علي (عليه السلام): فهلا قلتم هذا حين بعثنا الحكمين، وأخذنا منهم العهد، وأعطيناهموه! ألا قلتم هذا حينئذ!
قالوا: كنا قد طالت الحرب علينا، واشتد البأس، وكثر الجراح، وخلا الكراع والسلاح.
فقال لهم: أفحين اشتد البأس عليكم عاهدتم، فلما وجدتم الجمام (1) قلتم:
ننقض العهد! إن رسول الله كان يفي للمشركين، أفتأمرونني بنقضه! (2)