صفين، بل في أواخرها: من عبد الله معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب:
أما بعد؛ فإن الله تعالى يقول في محكم كتابه: ﴿ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين﴾ (1) وإني أحذرك الله أن تحبط عملك وسابقتك بشق عصا هذه الأمة، وتفريق جماعتها، فاتق الله، واذكر موقف القيامة، واقلع عما أسرفت فيه من الخوض في دماء المسلمين، وإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " لو تمالأ أهل صنعاء وعدن على قتل رجل واحد من المسلمين لأكبهم الله على مناخرهم في النار " فكيف يكون حال من قتل أعلام المسلمين وسادات المهاجرين، بله (2) ما طحنت رحا حربه من أهل القرآن وذي العبادة والإيمان؛ من شيخ كبير، وشاب غرير (3)، كلهم بالله تعالى مؤمن، وله مخلص، وبرسوله مقر عارف، فإن كنت أبا حسن إنما تحارب على الإمرة والخلافة، فلعمري لو صحت خلافتك لكنت قريبا من أن تعذر في حرب المسلمين، ولكنها ما صحت لك، أني بصحتها وأهل الشام لم يدخلوا فيها، ولم يرتضوا بها؟ وخف الله وسطواته، واتق بأسه ونكاله، واغمد سيفك عن الناس، فقد والله أكلتهم الحرب، فلم يبق منهم إلا كالثمد (4) في قرارة الغدير، والله المستعان (5).