وكشرت عن منظر كريه، والأرواح تختطف اختطاف البازي زغب (1) القطا، لصرت كالمولهة الحيرانة تصربها (2) العبرة بالصدمة، لا تعرف أعلا الوادي عن أسفله. فدع عنك ما لست أهله؛ فإن وقع الحسام غير تشقيق الكلام، فكم عسكر قد شهدته، وقرن نازلته، [ورأيت] اصطكاك قريش بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ أنت وأبوك و [من] هو [أعلا منكما لي] (3) تبع، وأنت اليوم تهددني!
فأقسم بالله أن لو تبدي الأيام عن صفحتك لنشب فيك مخلب ليث هصور (4)، لا يفوته فريسة بالمراوغة، كيف وأني لك بذلك وأنت قعيدة بنت البكر المخدرة؛ يفزعها صوت الرعد، وأنا علي بن أبي طالب الذي لا أهدد بالقتال، ولا أخوف بالنزال، فإن شئت يا معاوية فابرز. والسلام.
فلما وصل هذا الجواب إلى معاوية بن أبي سفيان جمع جماعة من أصحابه وفيهم عمرو بن العاص فقرأه عليهم. فقال له عمرو: قد أنصفك الرجل، كم رجل أحسن في الله قد قتل بينكما، ابرز إليه.
فقال له: أبا عبد الله أخطأت استك الحفرة، أنا أبرز إليه مع علمي أنه ما برز إليه أحد قط إلا وقتله! لا والله، ولكني سأبرزك إليه (5).