واستغويت عصابة من الناس حتى تأخروا عن بيعته، ثم كرهت خلافة عمر وحسدته واستطلت مدته، وسررت بقتله وأظهرت الشماتة بمصابه حتى إنك حاولت قتل ولده؛ لأنه قتل قاتل أبيه، ثم لم تكن أشد منك حسدا لابن عمك عثمان نشرت مقابحه وطويت محاسنه، وطعنت في فقهه ثم في دينه ثم في سيرته ثم في عقله، وأغريت به السفهاء من أصحابك وشيعتك حتى قتلوه بمحضر منك لا تدفع عنه بلسان ولا يد، وما من هؤلاء إلا من بغيت عليه وتلكأت في بيعته حتى حملت إليه قهرا تساق بخزائم (١) الاقتسار كما يساق الفحل المخشوش، ثم نهضت الآن تطلب الخلافة، وقتلة عثمان خلصاؤك وسجراؤك والمحدقون بك، وتلك من أماني النفوس وضلالات الأهواء.
فدع اللجاج والعبث جانبا وادفع إلينا قتلة عثمان، وأعد الأمر شورى بين المسلمين ليتفقوا على من هو لله رضا. فلا بيعة لك في أعناقنا ولا طاعة لك علينا ولا عتبى لك عندنا، وليس لك ولأصحابك عندي إلا السيف، والذي لا إله إلا هو لأطلبن قتلة عثمان أين كانوا وحيث كانوا حتى أقتلهم أو تلتحق روحي بالله.
فأما ما لا تزال تمن به من سابقتك وجهادك فإني وجدت الله سبحانه يقول:
﴿يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للأيمن إن كنتم صادقين﴾ (2) ولو نظرت في حال نفسك لوجدتها أشد الأنفس امتنانا على الله بعملها، وإذا كان الامتنان على السائل يبطل أجر الصدقة فالامتنان على الله يبطل أجر الجهاد ويجعله ك (صفوان عليه تراب فأصابه