وقال له عمرو: إن عليا (عليه السلام) رجل نزق تياه، وما استطعمت منه الكلام بمثل تقريظ أبي بكر وعمر فاكتب. فكتب كتابا أنفذه إليه مع أبي أمامة الباهلي وهو من الصحابة بعد أن عزم على بعثته مع أبي الدرداء ونسخة الكتاب:
من عبد الله معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب:
أما بعد؛ فإن الله تعالى جده اصطفى محمدا (عليه السلام) لرسالته واختصه بوحيه وتأدية شريعته، فأنقذ به من العماية وهدى به من الغواية، ثم قبضه اليه رشيدا حميدا قد بلغ الشرع ومحق الشرك وأخمد نار الإفك، فأحسن الله جزاءه وضاعف عليه نعمه وآلاءه، ثم إن الله سبحانه اختص محمدا (عليه السلام) بأصحاب أيدوه وآزروه ونصروه، وكانوا كما قال الله سبحانه لهم: ﴿أشداء على الكفار رحماء بينهم﴾ (1) فكان أفضلهم مرتبة وأعلاهم عند الله والمسلمين منزلة الخليفة الأول، الذي جمع الكلمة ولم الدعوة وقاتل أهل الردة، ثم الخليفة الثاني الذي فتح الفتوح ومصر الأمصار وأذل رقاب المشركين، ثم الخليفة الثالث المظلوم الذي نشر الملة وطبق الآفاق بالكلمة الحنيفية.
فلما استوثق الإسلام وضرب بجرانه (2) عدوت عليه فبغيته الغوائل ونصبت له المكايد، وضربت له بطن الأمر وظهره ودسست عليه وأغريت به، وقعدت حيث استنصرك عن نصره وسألك أن تدركه قبل أن يمزق فما أدركته، وما يوم المسلمين منك بواحد.
لقد حسدت أبا بكر والتويت عليه ورمت إفساد أمره، وقعدت في بيتك،