من ذلك. فانصرفا وهما ساخطان منه، فعرفا ما كان غلب في ظنهما قبل من رأيه (عليه السلام)، فتركاه يومين أو ثلاثة أيام، ثم صارا إليه واستأذنا عليه، فأذن لهما، وكان في علية في داره، فصعدا إليه وجلسا عنده بين يديه، وقالا: يا أمير المؤمنين، قد عرفت حال هذه الأزمنة وما نحن فيه من الشدة، وقد جئناك لتدفع إلينا شيئا نصلح به أحوالنا، ونقضي به حقوقا علينا!
فقال (عليه السلام): قد عرفتما مالي بينبع (1)، فإن شئتما كتبت لكما منه ما تيسر!!
فقالا: لا حاجة لنا في مالك بينبع.
فقال لهما: فما أصنع؟
فقالا له: أعطنا من بيت المال شيئا فيه لنا كفاية.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): سبحان الله! وأي يد لي في بيت المال! ذلك للمسلمين، وأنا خازنهم وأمين لهم، فإن شئتما رقيت المنبر وسألتهم ذلك مما شئتما، فإن أذنوا فيه فعلت. وأنى لي بذلك وهو لكافة المسلمين؛ شاهدهم وغائبهم!! لكني أبلي لكما عذرا.
قالا: ما كنا بالذي يكلفك ذلك، ولو كلفناكه لما أجابك المسلمون.
فقال لهما: فما أصنع؟
قالا: سمعنا ما عندك (2).
2028 - المناقب للخوارزمي عن أبي بشير الشيباني: لم يكن [بعد بيعة علي (عليه السلام)]