والأنصار عليه أدلة قاطعة على ما نقول.
ومهما يكن فإن معاوية تقمص الخلافة؛ الخلافة الدينية التي لا يعتقد بها اعتقادا راسخا من أعماق قلبه، وادعى خلافة من قصد قتاله، ولم يتورع عن تشويه الدين، ولم يأبه لتغيير معارف الحق. وأباح لنفسه كل عمل من أجل إحكام قبضته على الأمور، واستمرار تسلطه وتحكمه. هلك معاوية سنة 60 ه، ونصب يزيد حاكما على الناس، فخطى بذلك خطوة أخرى نحو قلب الحقائق الدينية، وهو ما اشتهرت آثاره في التاريخ.
2315 - مقتل الحسين للخوارزمي عن أحمد بن أعثم الكوفي: إن معاوية لما حج حجته الأخيرة ارتحل من مكة، فلما صار بالأبواء (1) ونزلها قام في جوف الليل لقضاء حاجته، فاطلع في بئر الأبواء، فلما اطلع فيها اقشعر جلده، وأصابته اللقوة (2) في وجهه، فأصبح وهو لما به مغموم، فدخل عليه الناس يعودونه، فدعوا له وخرجوا من عنده، وجعل معاوية يبكي لما قد نزل به، فقال له مروان بن الحكم: أجزعت يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا يا مروان، ولكني ذكرت ما كنت عنه عزوفا، ثم إني بكيت في إحني (3)، وما يظهر للناس مني، فأخاف أن يكون عقوبة عجلت لي لما كان من دفعي حق علي بن أبي طالب، وما فعلت بحجر بن عدي وأصحابه، ولولا هواي من يزيد لأبصرت رشدي، وعرفت قصدي (4).