كثرت علي منك النعم فما أحصيها، وقل مني الشكر فيما أوليتنيه، فبطرت بالنعم، وتعرضت للنقم، وسهوت عن الذكر، وركبت الجهل بعد العلم، وجزت من العدل إلى الظلم، وجاوزت البر إلى الاثم، وصرت إلى الهرب من الخوف والحزن، فما أصغر حسناتي، وأقلها في كثرة ذنوبي، وأعظمها على قدر صغر خلقي، وضعف ركني، رب وما أطول أملي في قصر أجلي في بعد أملي، وما أقبح سريرتي في علانيتي، رب لا حجة لي إن احتججت، ولا عذر لي إن اعتذرت، ولا شكر عندي إن أبليت وأوليت، إن لم تعني على شكر ما أوليت، رب ما أخف ميزاني غدا إن لم ترجحه، وأزل لساني إن لم تثبته، وأسود وجهي إن لم تبيضه، رب كيف لي بذنوبي التي سلفت مني، قد هدت لها أركاني، رب كيف أطلب شهوات الدنيا، وأبكي على خيبتي منها، ولا أبكي وتشتد حسراتي على عصياني، وتفريطي، رب دعتني دواعي الدنيا فأجبتها سريعا، وركنت إليها طائعا، ودعتني دواعي الآخرة فثبطت عنها، وأبطأت في الإجابة والمسارعة إليها، كما سارعت إلى دواعي الدنيا وحطامها الهامد، وهشيمها البائد وسرابها الذاهب، رب خوفتني وشوقتني، واحتججت علي برقي، وكفلت لي برزقي، فأمنت من خوفك، وتثبطت عن تشويقك، ولم أتكل على ضمانك، وتهاونت باحتجاجك، اللهم، فاجعل أمني منك في هذه الدنيا خوفا، وحول تثبيطي شوقا، وتهاوني بحجتك فرقا منك، ثم إرضني بما قسمت لي من رزقك يا كريم، أسألك باسمك العظيم رضاك عند السخطة، والفرجة عند الكربة، والنور عند الظلمة، والبصيرة عند تشبيه الفتنة، رب اجعل جنتي من خطاياي حصينة، ودرجاتي في الجنان رفيعة، وأعمالي كلها
(٢٣٩)