كان الإمام الصادق عليه السلام، يستقبل السفر إلى حج بيت الله الحرام، بشوق بالغ، ورغبة ملحة، وذلك لما يترتب على هذه العبادة من الثمرات والفوائد، البالغة الأهمية، فإن الحج، أهم مؤتمر إسلامي، يلتقي فيه المسلمون، من شتى أقطار الأرض لأداء فريضة الحج، وعرض قضاياهم المصيرية، وما ألم بهم من أحداث وشؤون.
وكان الإمام الصادق عليه السلام، بحسب مركزه الروحي، الزعيم الاعلى للعالم الاسلامي فكانت وفود بيت الله الحرام، تتشرف بلقياه، لأنه بقية النبوة والإمامة فتأخذ منه معالم دينها، ومناسك حجها، وقد قام عليه السلام بدور إيجابي، في بيان أكثر مسائل الحج وفروعه، ويقول الرواة: أنه لولاه ولولا أبو الإمام الباقر عليه السلام من قبل لما عرف المسلمون مناسك حجهم، وقد دونت تلك المسائل، في كتب الحديث، وموسوعات الفقه الاستدلالي، وبالإضافة لذلك، فقد قام الإمام عليه السلام بدور مهم في تفسيد وإبطال، أوهام الملحدين، الذين كانوا يفدون إلى بيت الله الحرام، في موسم الحج، لافساد عقائد المسلمين، أمثال عبد الكريم بن أبي العوجاء، وجماعته، فقد تصدى لهم الامام وأبطل جميع شبههم، وأوهامهم، وقد عرضنا إلى تفصيل ذلك كل في بحوث هذا الكتاب.