يرى عبد الملك بن مروان إماما، يوجب ترك بيعته الكفر والعودة إلى الجاهلية.
ولا بد كذلك أن يصفق تحت جنح الظلام - خفة وصغارا - على رجل عامله السفاح الحجاج بن يوسف الثقفي! هذا وقد آل الأمر بعبد الله بن عمر إلى أن يرى يزيد بن معاوية - مع كل ما جنت يداه بحق الاسلام وعترة الرسول (صلى الله عليه وآله) - مصداقا للإمام في حديث " من مات بغير إمام " توجب مناوأته الكفر والارتداد.
روي أن أهل المدينة في سنة 63 ه ثاروا على يزيد بن معاوية، بعد فاجعة كربلاء في سنة 61 ه، وأدت ثورتهم هذه إلى نشوب واقعة الحرة، فذهب عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع قائد قريش في هذه الثورة، فأمر ابن مطيع بوسادة ودعا ابن عمر إلى الجلوس، فقال له ابن عمر: لم آت لأجلس، بل أتيت لأروي لك حديثا سمعته عن النبي (صلى الله عليه وآله)، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية (1).
فانظر أيها القارئ الكريم كيف يحرف كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بدهاء إلى الجهة المعاكسة للمقصود منه! وذلك هو الداء الخبيث الذي حذر منه (صلى الله عليه وآله) في هذا الحديث وعشرات الأحاديث الأخرى، ودعا الناس إلى إطاعة أئمة الحق والهدى. وهكذا يحور إنذار النبي (صلى الله عليه وآله) على يد أرباب الزيف والدجل وأذنابهم، ليستفاد من الحديث في الجهة المقابلة له، وتستخدم نصوص الاسلام لهدم الاسلام. وهكذا ينقضي عصر العلم والإسلام في الأمة الإسلامية، بتنكرها لمكانة أئمة الهدى وتناسيها لوصايا رسولها الكريم (صلى الله عليه وآله)، لتؤوب إلى الكفر والجاهلية المقيتة.