ابتلي بالميتة الجاهلية، دونما توجه إلى إمكان اتصاف هذا " الإمام " بالظلم، فيغدو من أئمة النار حسب التعبير القرآني؟!
وبطبيعة الحال فقد حاول أئمة الجور، في طول التاريخ الإسلامي، أن يستندوا إلى هذا الحديث لتثبيت أركان حكومتهم وتبرير وجوب إطاعة الناس لهم. ولذا فإننا نرى أن معاوية بن أبي سفيان هو نفسه ممن روى هذا الحديث (1). ومن الطبيعي كذلك أن يعمد وعاظ السلاطين - بنفس تلك الدواعي - إلى تفسير كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) لينطبق على إمامة أئمة الجور. غير أن من الواضح أن ذلك تلاعب بالألفاظ، لا سوء استنباط من الحديث أو نقص دراية.
إنه لا يمكن أبدا أن نتصور أن عبد الله بن عمر - كما جاء في شرح ابن أبي الحديد لنهج البلاغة - يحجم عن مبايعة الإمام علي (عليه السلام) لضعف بصيرته وسطحية تفكيره، ثم يهرع ليلا - وتمسكا بحديث " من مات بغير إمام " الذي يعد هو من رواته - إلى الحجاج بن يوسف لمبايعة خليفة زمانه عبد الملك بن مروان، لأنه يخشى أن يبيت ليلة بدون إمام!
يقول ابن أبي الحديد: إن عبد الله بن عمر امتنع من بيعة علي (عليه السلام)، وطرق على الحجاج بابه ليلا ليبايع لعبد الملك كي لا يبيت تلك الليلة بلا إمام. زعم لأنه روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: من مات ولا إمام له مات ميتة جاهلية، وحتى بلغ من احتقار الحجاج له واسترذاله حاله أن أخرج رجله من الفراش، فقال:
أصفق بيدك عليها (2)!
أجل، إن من لا يبايع أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) - لأنه لا يعده إماما - لا بد أن