قلت: كيف كانت سيرته في جلسائه؟ قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يؤيس منه ولا يحبب فيه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه. إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ. حديثهم عنده حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى إذا كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ (1)، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام (2).
724 - الإمام الصادق (عليه السلام): ما أكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) متكئا منذ بعثه الله عز وجل إلى أن قبضه تواضعا لله عز وجل، وما أرى ركبتيه أمام جليسه في مجلس قط، ولا صافح رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلا قط فنزع يديه من يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده، ولا كافأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسيئة قط، قال الله تعالى له: * (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) * (3) ففعل، وما منع سائلا قط، إن كان عنده أعطى وإلا قال:
يأتي الله به. ولا أعطى على الله عز وجل شيئا قط إلا أجازه الله، إن كان ليعطي الجنة فيجيز الله عز وجل له ذلك (4).