المراد جنس الكتب من باب فلان يركب الخيل وهو انما يركب واحدة منها، والمراد انه يركب من هذا الجنس، ويجوز أن يراد في لام الكتب الجنسية والعهدية مع اعتبار معنى الكمال مثل زيد الرجل أي الرجل الكامل في الرجولية.
والمراد من ذي العزة هو الله تعالى، لأن له العزة الكاملة بل حقيقة العزة بل جميع أفراد العزة، ويمكن أن يراد من العزة الصفة الجمالية أو الجلالية أو كلتاهما، وكذا في قوله تعالى حكاية عن إبليس: ﴿فبعزتك لأغوينهم أجمعين﴾ (١).
قيل: إن الدرهم والدينار مظهر اسمه العزيز وبهما عزة أهل الدنيا، وحلف إبليس بها إشارة إلى أن اغواءه لهم إنما يكون بالذهب والفضة، فيمكن أن يكون قولها (عليها السلام) هنا: (من ذي العزة الكتب) إشارة إلى أن العزة التي صارت أي صار طلبها سبب هلاك القوم وانحرافهم عن الطريقة صاحبها قد أنزل عليك الكتب والأحكام، وبين لك الحلال والحرام، فكان عليهم أن يتبعوك في كل حال ومقام، ولا ينكصوا عن الحق بعد الإقدام.
قولها (عليها السلام): (قد كان جبريل بالآيات يونسنا...) جبريل مخفف جبرئيل، قال تعالى: ﴿من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال﴾ (2) ويجوز جبرائيل كميكائيل وجبريل كميكيل وجبرال كميكال.
و (بالآيات) متعلق بقولها (يونسنا) من الإيناس بمعنى إعطاء الانس، وإذهاب الوحشة والدهشة، والمراد بالآيات آيات القرآن أي كان يجيء آنا فآنا بالآيات القرآنية على سبيل الوحي إليك، ونحن قد اعتدنا بذلك واستانسنا به في عمرنا عن سائر الأنام، وأزلنا بذلك عن نفسنا دهشة المصائب والآلام، ووحشة الأوجاع والأسقام، فقد فقدت الآن وانقطع نزول جبرئيل بالآيات.
(وكل الخير محتجب) عنا بعدك بلا اختصاص بفوات نزول جبرئيل وإيناسه إيانا بالآيات القرآنية، لأنك كنت معدن كل خير وأصل كل رحمة: (إن ذكر الخير