فنظر أبو بكر بن أبي قحافة إلى عمر بن الخطاب فقال: ما تقول؟ فقال عمر:
ومن اليتامى والمساكين وأبناء السبيل؟ فقالت فاطمة: اليتامى الذين يأتمون بالله وبرسوله وبذي القربى، والمساكين الذين أسكنوا معهم في الدنيا والآخرة، وابن السبيل الذي يسلك مسلكهم.
قال عمر: فإذا الخمس والفئ كله لكم ولمواليكم وأشياعكم؟! فقالت فاطمة:
أما فدك فأوجبها الله لي ولولدي دون موالينا وشيعتنا، وأما الخمس فقسمه الله لنا ولموالينا وأشياعنا كما يقرأ في كتاب الله، قال عمر: فما لسائر المهاجرين والأنصار والتابعين باحسان؟
قالت فاطمة: إن كانوا موالينا ومن أشياعنا فلهم الصدقات التي قسمها الله وأوجبها في كتابه، فقال عز وجل: ﴿إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب...﴾ (1) قال عمر: فدك لك خاصة والفئ لكم ولأوليائكم، لا أحسب أصحاب محمد يرضون بهذا.
قالت فاطمة: فإن الله تعالى رضي بذلك ورسوله رضي به، وقسم على المولاة والمتابعة لا على المعاداة والمخالفة، ومن عادانا فقد عادى الله، ومن خالفنا فقد خالف الله، ومن خالف الله فقد استوجب من الله العذاب الأليم، والعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، فقال عمر: هاتي بينة يا بنت محمد على ما تدعين.
فقالت فاطمة (عليها السلام): قد صدقتم جابر بن عبد الله وجرير بن عبد الله ولم تسألوهما البينة، وبينتي في كتاب الله، فقال عمر: إن جابرا وجريرا ذكرا أمرا هينا، وأنت تدعين أمرا عظيما يقع به الردة من المهاجرين والأنصار.
فقالت (عليها السلام): إن المهاجرين برسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيت رسول الله هاجروا إلى دينه، والأنصار بالإيمان بالله وبرسوله وبذي القربى أحسنوا، فلا هجرة إلا إلينا، ولا نصرة إلا لنا، ولا اتباع بإحسان إلا بنا، ومن ارتد عنا فإلى الجاهلية، فقال لها عمر: دعينا عن أباطيلك وأحضرينا من يشهد لك بما تقولين.