روى الطبراني من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال ابن عباس: كنت أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن قول الله - عز وجل - (وإن تظاهرا عليه) (التحريم / 4)، فكنت أهابه حتى حججنا معه حجة، فقلت لان لم أسأله في هذه الحجة لا أسأله فلما قضينا (حجنا) أدركناه، وهو ببطن مر وقد تخلف لبعض حاجاته، فقال: مرحبا بك يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حاجتك؟ قلت: شئ كنت أريد أن أسألك عنه يا أمير المؤمنين، فكنت أهابك فقال سلني عما شئت، فإنا لم نكن نعلم شيئا حين تعلمنا، فقلت: أخبرني عن قول الله تعالى: " وإن تظاهرا عليه " من هما؟ قال: لا تسأل أحدا أعلم بذلك مني، كنا بمكة لا يكلم أحدنا امرأته، إنما هي خادم البيت، فإن كان له حاجة سفع برجليها فقضى حاجته، فلما قدمنا المدينة، تعلمنا من نساء الأنصار، فجعلن يكلمننا ويراجعننا وإني أمرت غلمانا لي ببعض الحاجة، فقالت امرأتي: بل اصنع كذا وكذا، فقمت إليها بقضيب فضربتها به، فقالت: يا عجبا لك، يا بن الخطاب! تريد أن لا تكلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمه نساؤه فخرجت فدخلت على حفصة، فقلت؟ يا بنية، انظري لا تكلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس عنده دينار ولا درهم يعطيكهن، فما كانت لك من حاجة حتى دهن رأسك فسليني، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح جلس في مصلاه وجلس الناس حوله حتى تطلع الشمس، ثم دخل على نسائه امرأة امرأة يسلم عليهن ويدعو لهن، فإذا كان يوم إحداهن جلس عندها، وإنها أهديت لحفصة بنت عمر عكة عسل من الطائف أو من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يسلم عليها حبسته حتى تلعقه منها أو تسقيه منها، وأن عائشة أنكرت احتباسه عندها فقالت لجويرية عندها حبشية يقال لها خضراء إذا دخل على حفصة فادخلي عليها، فانظري ما يصنع فأخبرتها الجارية بشأن العسل، فأرسلت عائشة إلى صواحبتها، فأخبرتهن، وقالت إذا دخل عليكن فقلن: إنا نجد منك ريح معافير ثم إنه دخل على عائشة فقالت: يا رسول الله، أطعمت شيئا منذ اليوم فإني أجد منك ريح مغافير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد شئ عليه أن يوجد منه ريح شئ، فقال: هو عسل، والله لا أطعمه أبدا حتى إذا كان يوم حفصة قالت: يا رسول الله، إني لي حاجة إلى إن نفقت لي عنده، فأذن لي أن آتيه فأذن لها، ثم وإنه أرسل إلى جاريته مارية، فأدخلها بيت حفصة، فوقع عليها، فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقا، فجلست عند الباب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع ووجهه يقطر عرقا، وحفصة تبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: إنما أذنت لي من أجل هذا، أدخلت أمتك بيتي ثم وقعت عليها على فراشي، ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن، أما والله ما يحل لك هذا يا رسول الله، فقال: والله، ما صدقت: أليس هي جاريتي، قد أحلها الله تعالى لي، أشهدك أنها علي حرام، ألتمس بذلك رضاك، انظري لا تخبري بذلك امرأة منهن، فهي عندك أمانة، فلما خرج
(٦٠)