الباب الثامن في تكثيره صلى الله عليه وسلم طعام أبي طلحة - رضي الله تعالى عنه - روى الإمام أحمد والشيخان وأبو يعلى والبغوي من طرق كثيرة متواترة عن مبارك بن فضالة عن ثابت عن أنس أنه كان شاهد أبا طلحة قال لام سليم: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع، فهل عنك من شئ؟ فقالت: ما عندنا إلا نحو من مد شعير، قال: فاعجنيه وأصلحيه، عسى أن ندعو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل عندنا، قالت:
فعجنته وخبزته، فجاء قرصا، فقال: ادع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنس: فذهبت فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس، قال مبارك بن فضالة، فأحسبه قال: بضعة وثمانون، فقمت عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرسلك أبو طلحة؟ " فقلت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: " قوموا " فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة:
فضحتنا، قلت: إني لم أستطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا، فتلقاه أبو طلحة فدهش لمن أقبل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى جنبه، فقال: يا رسول الله، إنما هو قرص فقال: " إن الله عز وجلل سيبارك فيه "، فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الباب قال لهم: " اقعدوا " ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ليس عندنا ما نطعمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرص، ودعا بجفنة فوضعه فيها، وقال: " هل من سمن " قال أبو طلحة: قد كان في العكة شئ قال: فجاء بها فجعل هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعصرانها حتى خرج شئ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم به سبابته ثم مسح القرص فانتفخ، وقال: " باسم الله " فانتفخ فلم يزل يصنع كذلك والقرص ينتفخ حتى رأيت القرص في الجفنة ثم قال: " ادع عشرة من أصحابي "، فدعوت له عشرة، قال: فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده وسط القرص، وقال: " كلوا باسم الله "، فأكلوا من حوالي القرص حتى شبعوا فلم يزل يدعو عشرة بعشرة يأكلون من ذلك القرص حتى أكل منه بضعة وثمانون من حوالي القرص حتى شبعوا، وإن وسط القرص حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده كما هو، وأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة وأم سليم وأنا حتى شبعنا وفضلت فضلة أهديناها لجيران لنا (1).