قبل نبوته يخالف المشركين في وقوفهم بمزدلفة في الحج فكان يقف هو بعرفة لأنه كان موقف إبراهيم عليه السلام.
فصل قال القاضي أبو الفضل وفقه الله قد بان بما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان والوحي وعصمتهم في ذلك على ما بيناه، فأما ما عدا هذا الباب من عقود قلوبهم فجماعها أنها مملوءة علما ويقينا على الجملة، وأنها قد احتوت من المعرفة والعلم بأمور الدين والدنيا ما لا شئ فوقه ومن طالع الأحبار واعتنى بالحديث وتأمل ما قلناه وجده وقد قدمنا منه في حق نبينا صلى الله عليه وسلم في الباب الرابع أول قسم من هذا الكتاب ما ينبه على ما وراءه إلا أن أحوالهم في هذه المعارف تختلف، فأما ما تعلق منها بأمر الدنيا فلا يشترط في حق الأنبياء العصمة من عدم معرفة الأنبياء ببعضها أو اعتقادها على خلاف ما هي عليه ولا وصم عليهم فيه إذ هممهم متعلقة بالآخرة وأنبائها وأمر الشريعة وقوانينها، وأمور الدنيا تضادها بخلاف غيرهم من أهل الدنيا الذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون كما سنبين هذا في الباب الثاني إن شاء الله ولكنه لا يقال إنهم لا يعلمون شيئا من أمر الدنيا فإن ذلك يؤدى إلى الغفلة والبله وهم المنزهون عنه بل قد أرسلوا إلى أهل الدنيا وقلدوا سياستهم وهدايتهم والنظر في مصالح دينهم ودنياهم، وهذا لا يكون مع عدم العلم بأمور الدنيا بالكلية، وأحوال الأنبياء وسيرهم في هذا الباب معلومة ومعرفتهم بذلك كله مشهورة وأما إن كان هذا