ولم يريدوا ههنا في الدين إذ لو قالوا ذلك في نبي الله لكفروا ومثله عند هذا قوله إنا لنراها في
ضلال مبين أي محبة بينة، وقال الجنيد ووجدك متحيرا في بيان ما أنزل إليك فهداك لبيانه لقوله (وأنزلناه إليك الذكر) الآية، وقيل ووجدك لم يعرفك أحد بالنبوة حتى أظهرك فهدى بك السعداء ولا أعلم أحدا قال من المفسرين فيها ضالا عن الإيمان، وكذلك في قصة
موسى عليه السلام قوله: (فعلتها إذا وأنا من الضالين) أي من المخطئين الفاعلين شيئا بغير قصد. قاله ابن
عرفة، وقال الأزهري: معناه من الناسين وقد قيل ذلك في قوله (ووجدك ضالا فهدى) أي
ناسيا كما قال تعالى: (أن تضل إحداهما) فإن قلت فما معنى قوله: (ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الأيمان) فالجواب: أن السمرقندي قال: معناه ما كنت تدرى قبل الوحي أن تقرأ
القرآن ولا كيف تدعو الخلق إلى الإيمان، وقال بكر القاضي نحوه، قال ولا الأيمان الذي هو الفرائض والأحكام، قال: فكان قيل مؤمنا بتوحيده ثم نزلت الفرائض التي لم يكن يدريها قبل
____________________
(قوله وقال الجنيد) هو أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد الحراز القواريري الزاهد أصله من نهاوند ومنشؤه ومولده بالعراق، شيخ الطريقة وسيد الطائفة تفقه على أبى ثور وكان يفتى بحلقته وله من العمر عشرون سنة، كذا في الطبقات للسبكي، واختص بصحبة السرى السقطي والحارث بن أسد المحاسبي وأبى حمزة البغدادي كان يقول ما أخذنا التصوف عن القيل والقال ولكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات وكان يقول طريقنا مضبوط بالكتاب والسنة من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث ولم يتفقه لا يقتدى به، توفى سنة سبع وتسعين ومائتين بالشونيزية عند خاله السرى (قوله قاله ابن عرفة) هو العبدي المؤدب، يروى عن ابن المبارك