الباب الثاني فيما يخصهم في الأمور الدنيوية وما يطرأ عليهم من العوارض البشرية قد قدمنا أنه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والرسل من البشر وأن جسمه وظاهره خالص للبشر
يجوز عليه من الآفات والتغييرات والآلام والأسقام وتجزع كأس
الحمام ما
يجوز على البشر وهذا كله ليس بنقيصة فيه لأن الشئ إنما يسمى ناقصا بالإضافة إلى ما هو أتم منه وأكمل من نوعه وقد كتب الله تعالى على أهل هذه الدار فيها يحيون وفيها يموتون ومنها يخرجون وخلق جميع البشر بمدرجة الغير فقد مرض صلى الله عليه وسلم واشتكى وأصابه الحر والقر وأدركه الجوع والعطش ولحقه
الغضب والضجر وناله الإعياء والتعب ومسسه الضعف والكبر وسقط فجحش شقه وشجه الكفار وكسروا رباعيته وسقى السم وسحر وتداوى واحتجم وتنشر وتعوذ ثم قضى نحبه فتوفى صلى الله عليه وسلم ولحق بالرفيق الأعلى وتخلص من دار الامتحان والبلوى وهذه سمات البشر
____________________
(قوله بمدرجة الغير) المدرجة بفتح الميم وسكون الدال: المذهب والمسلك، والغير بكسر الغين المعجمة وفتح المثناة التحتية: الاسم من قولك غيرت الشئ فتغير (قوله فجحش) بضم الجيم وكسر الحاء المهملة بعدها شين معجمة: أي خدش (قوله السم) بتثليث السين والأفصح فتحها ويليه بضم (قوله وتنشر) من النشرة وهي الرقية والتعويذ (قوله بالرفيق الأعلى) قال ابن الأثير وهو الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون وقيل هو مرتفق الجنة، وقيل الرفيق الأعلى: الله تعالى لأنه رفيق بعباده وقال ابن قرقول: أهل اللغة لا يعرفون هذا، ولعله تصحيف من الرفيع