يا خليفة رسول الله دعني أضرب عنقه فقال: اجلس فليس ذلك لأحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال القاضي أبو محمد بن نصر ولم يخالف عليه أحد، فاستدل الأئمة بهذا الحديث على قتل من أغضب النبي صلى الله عليه وسلم بكل ما أغضبه أو آذاه أو سبه ومن ذلك كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عامله بالكوفة وقد استشاره في قتل رجل سب عمر رضي الله عنه فكتب إليه عمر: إنه لا يحل قتل امرئ مسلم بسب أحد من الناس إلا رجلا سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن سبه فقد حل دمه، وسأل الرشيد مالكا في رجل شتم النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له أن فقهاء العراق أفتوه بجلده فغضب مالك وقال: يا أمير المؤمنين ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها؟ من شتم الأنبياء قتل ومن شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلد. قال القاضي أبو الفضل: كذا وقع في هذه الحكاية رواها غير واحد من أصحاب مناقب مالك ومؤلفي أخباره وغيرهم ولا أدرى من هؤلاء الفقهاء بالعراق الذين أفتوا الرشيد بما ذكر وقد ذكرنا مذهب العراقيين بقتله ولعلهم ممن لم يشهر بعلم أو من لا يوثق بفتواه أو يميل به هواه أو يكون ما قاله يحمل على غير السب فيكون الخلاف هل هو سب أو غير سب أو يكون رجع وتاب عن سبه فلم يقله لمالك على أصله وإلا فالإجماع على قتل من سبه كما قدمناه ويدل على قتله من جهة النظر والاعتبار أن من سبه أو تنقصه صلى الله عليه وسلم فقد ظهرت علامة مرض قلبه وبرهان سر طويته وكفره، ولهذا ما حكم له كثير من
(٢٢٣)