فقد قال بعض المفسرين إنها راجعة إلى قوله (وأعرض عن الجاهلين) ثم قال وإما ينزغنك أي يستخفنك غضب يحملك على ترك الإعراض عنهم فاستعذ بالله، وقيل النزع هنا الفساد كما قال (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) وقيل ينرغنك يغرينك ويخركنك، والنزع أدنى الوسوسة فأمره الله تعالى أنه متى تحرك عليه غضب على عدوه أو رام الشيطان من إغرائه به وخواطر أدنى وساوسه ما لم يجعل له سبيل إليه أن يستعيذ منه فيكفي أمره ويكون سبب نمام عصمته إذ لم يسلط عليه بأكثر من التعرض له ولم يجعل له قدرة عليه وقد قيل في هذه الآية غير هذا وكذلك لا يصح أن يتصور له الشيطان في صورة الملك ويلبس عليه لا في أول الرسالة ولا بعدها والاعتماد في ذلك دليل المعجزة بل لا يشك النبي أن ما يأتيه من الله الملك ورسوله حقيقة إما بعلم ضروري يخلقه الله له أو ببرهان يظهره لديه لتتم كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته. فإن قيل فما معنى قوله تعالى: (وما أرسلنا منى قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) الآية؟ فاعلم أن للناس في معنى هذه الآية أقاويل منها السهل والوعث
____________________
(قوله ذات الجنب) هي قرحة تصيب الإنسان في داخل جنبه (قوله ويلبس) بكسر الموحدة أي يخلط (قوله والوعث) بفتح الواو وسكون العين المهملة بعدها مثلثة: في الصحاح الوعث المكان السهل الكبير الدهش تغيب فيه الأقدام ويسبق على من يمشى فيه والدهش المكان السهل لا يبلغ أن يكون رملا وليس ترابا ولا طينا