يكن لنبي دعوة عامة إلا لنبيا صلى الله عليه وسلم، ولا حجة أيضا للآخر في قوله (أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) ولا للآخرين في قوله تعالى (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا) فمحمل هذه الآية على اتباعهم في التوحيد كقوله تعالى (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) وقد سمى الله تعالى فيهم من لم يبعث ولم تكن له شريعة تخصه كيوسف ابن يعقوب على قول من يقول إنه ليس برسول وقد سمى الله تعالى جماعة منهم في هذه الآية شرائعهم مختلفة لا يمكن الجمع بينها، فدل أن المراد ما اجتمعوا عليه من التوحيد وعبادة الله تعالى وبعد هذا فهل يلزم من قال بمنع الاتباع هذا القول في سائر الأنبياء غير نبينا صلى الله عليه وسلم أو يخالفون بينهم أما من منع الاتباع عقلا فيطرد أصله في كل رسول بلا مرية وأما من مال إلى النقل فأينما تصور له وتقرر اتبعه، ومن قال بالوقف فعلى أصله، ومن قال بوجوب الاتباع لمن قبله يلتزمه بمساق حجته في كل نبي فصل هذا حكم ما تكون المخالفة فيه من الأعمال عن قصد وهو ما يسمى معصية ويدخل تحت التكلف، وأما ما يكون بغير قصد وتعمد كالسهو والنسيان في الوظائف الشرعية مما تقرر الشرع بعدم تعلق الخطاب به وترك المؤاخذة عليه فأحوال الأنبياء في ترك المؤاخذة به وكونه ليس بمعصية لهم مع أممهم سواء ثم ذلك على نوعين ما طريقه البلاغ وتقرير الشرع وتعلق الأحكام وتعليم الأمة بالفعل وأخذهم باتباعه فيه وما
(١٤٩)