بما قدمناه من صحيح الآثار وعادة وجبلة بما ذكرناه آنفا لإفاضته الإحسان وعمومه الإجمال، فإذا كان الإنسان يحب من
منحه في دنياه مرة أو مرتين معروفا أو استنقذه من هلكة أو مضرة مدة التأذي بها قليل منقطع فمن
منحه ما لا يبيد من النعيم ووقاه ما لا يفي من عذاب الجحيم أولى بالحب، وإذا كان يحب بالطبع ملك لحسن سيرته أو حاكم لما يؤثر من قوام طريقته أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه أو كرم شيمته فمن جمع هذه الخصال على غاية مراتب الكمال أحق بالحب وأولى بالميل، وقد قال
على رضي الله عنه في صفته صلى الله عليه وسلم من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه وذكرنا عن بعض الصحابة أنه كان لا يصرف بصره عنه محبة فيه.
فصل في
وجوب مناصفته صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى (ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله، ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم) قال أهل التفسير إذا نصحوا لله ورسوله إذا كانوا مخلصين مسلمين في السر والعلانية. حدثنا الفقيه
أبو الوليد بقراءتي عليه حدثنا حسين بن محمد حدثنا يوسف بن عبد الله حدثنا ابن
عبد المؤمن حدثنا أبو بكر
____________________
(قوله لما يشاد) بضم المثناة التحتية وتخفيف الشين المعجمة وفى آخره دال مهملة مخففة، في الصحاح أشاد بذكره أي يرفع من قدره (قوله شيمته) بكسر الشين المعجمة أي خلقته.