إن حسن له التأويل كائنا من كان ظن على صورة الحال ذلك وقد قيل قال ذلك لفعلهم قبل بيوسف وبيعهم له وقيل غير هذا ولا يلزم أن نقول الأنبياء ما لم يأت أنهم قالوه حتى يطلب الخلاص منه ولا يلزم الاعتذار عن زلات غيرهم.
فصل فإن قيل فما الحكمة في إجراء الأمراض وشدتها عليه وعلى غيره من الأنبياء على جميعهم السلام، وما الوجه فيما ابتلاهم الله به من البلاء وامتحانهم بما امتحنوا به كأيوب ويعقوب ودنيال ويحيى وزكريا وعيسى وإبراهيم ويوسف وغيرهم صلوات الله عليهم وهم خيرته من خلقه وأحباؤه وأصفياؤه؟ فاعلم وفقنا الله وإياك أن أفعال الله تعالى كلها عدل وكلماته جميعا صدق لا مبدل لكلماته يبتلى عباده كما قال لهم لننظر كيف تعلمون، (وليبلوكم أيكم أحسن عملا) وليعلم الله الذين آمنوا منكم، ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين، ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم) فامتحانه إياهم بضروب المحن زيادة في مكانتهم ورفعة في درجاتهم وأسباب لاستخراج حالات الصبر والرضى والشكر والتسليم والتوكل والتفويض والدعاء والتضرع منهم وتأكيد لبصائرهم في رحمة الممتحنين والشفقة على المسلمين وتذكرة لغيرهم وموعظة لسواهم ليتأسوا في البلاء بهم ويتسلوا