العقد مما يتعلق بالدين فلا يصح من النبي صلى الله عليه وسلم إلا العلم به ولا يجوز عليه جهله جملة لأنه لا يخلو أن يكون حصل عنده ذلك عن وحى من الله فهو ما لا يصح الشك منه فيه على ما قدمناه فكيف الجهل؟ بل حصل له العلم اليقين أو يكون فعل ذلك باجتهاده فيما لم ينزل عليه فيه شئ على القول بتجويز وقوع الاجتهاد منه في ذلك على قول المحققين وعلى مقتضى حديث أم سلمة إني إنما أقضى بينكم برأي فيما لم ينزل على فيه شئ خرجه الثقات، وكقصة أسرى بدر والإذن للمتخلفين على رأى بعضهم فلا يكون أيضا ما يعتقده مما يثمره اجتهاده إلا حقا وصحيحا، هذا هو الحق الذي لا يلتفت إلى خلاف من خالف فيه ممن أجاز عليه الخطأ في الاجتهاد لا على القول بتصويب المجتدين الذي هو الحق والصواب عندنا ولا على القول الآخر بأن الحق في طرف واحد لعصمة نبي صلى الله عليه وسلم من الخطأ في الاجتهاد في الشرعيات ولأن القول في تخطئة المجتهدين إنما هو بعد استقرار الشرع ونظر النبي صلى الله عليه وسلم واجتهاده إنما هو فيما لم ينزل عليه فيه شئ ولم يشرع له قبل، هذا فيما عقد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قلبه فأما ما لم يعقد عليه قلبه من أمر النوازل الشرعية فقد كان لا يعلم منها أولا إلا ما علمه الله شيئا شيئا حتى استقر علم جملتها عنده إما بوحي من الله أو إذن أن يشرع في ذلك ويحكم بما أراه الله وقد كان ينتظر الوحي في كثير منها ولكنه لم يمت حتى استفرغ علم جميعها عنده صلى الله عليه وسلم وتقررت معارفها لديه على التحقيق ورفع الشك والريب وانتفاء الجهل وبالجملة فلا يصح منه الجهل بشئ من تفاصيل الشرع الذي أمر بالدعوة إليه إذ
(١١٦)