فزاد بالتكليف إيمانا وهو أحسن وجوهه قلت فما معنى قوله:
(وإن كنت من قبله لمن الغافلين) فاعلم أنه ليس بمعنى قوله: (والذين هم عن آياتنا غافلون) بل حكى أبو عبد الله الهروي أن معناه لمن الغافلين عن قصة يسف إذ لم تعلمها إلا بوحينا وكذلك الحديث الذي يرويه عثمان بن أبي شيبة بسنده عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يشهد من المشركين مشاهدهم فسمع ملكين حلفه أحدهما يقول لصاحبه اذهب حتى تقوم خلفه فقال الآخر كيف أقوم خلفه وعهده باستلام الأصنام؟ فلم يشهدهم بعد، فهذا حديث أنكره أحمد بن حنبل جدا وقال هو موضوع أو شبيه بالموضوع، وقال الدارقطني يقال إن عثمان وهم في إسناده، والحديث بالجملة منكر غير متفق على إسناده فلا يلتفت إليه، والمعروف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلافه عند أهل العلم من قوله (بغضت إلى الأصنام) وقوله في الحديث الآخر الذي روته أم أيمن حين كلمه عمه وآله في حضور بعض أعيادهم وعزموا عليه بعد كراهته لذلك فخرج معهم ورجع مرعوبا فقال (كلما دنوت منها من صنم تمثل لي شخص أبيض طويل يصيح بي وراءك لا تمسه) فما شهد بعد لهم عيدا، وقوله في قصة بحيرا حين استحلف النبي صلى الله عليه وسلم باللات والعزى إذ لقيه بالشام في سفرته مع عمه أبى طالب وهو صبي ورأى فيه سلامات النبوة فاختبره بذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (لا تسألني بهما فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما) فقال له بحيرا فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه، فقال (سل عما بدا لك) وكذلك المعروف من سيرته صلى الله عليه وسلم وتوفيق الله له أنه كان