بشارة المصطفى - محمد بن علي الطبري - الصفحة ٣٩٧
قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وضعف عن سيدة النساء تجلدي (1)، إلا إن في التأسي لي بسنتك والحزن الذي حل لي لفراقك موضع تعزي، ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك (2) على صدري وغمضتك بيدي وتوليت أمرك بنفسي، نعم وفي كتاب الله أنعم القبول، إنا لله وإنا إليه راجعون، قد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة واختلست (3) الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء.
يا رسول الله، أما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهد (4)، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار (5) الله لي دارك التي فيها [أنت] (6) مقيم، كمد (7) مقيح (8) وهم مهيج، سرعان ما فرق بيننا والى الله أشكوا، وستنبئك ابنتك بتظاهر أمتك علي وعلى هضمها (9) حقها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل (10) معتلج (11) بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين.
سلام عليك يا رسول الله سلام مودع لا سأم ولا قال، فان أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، والصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما، والتلبث عنده معكوفا (12)، ولأعولت أعوال (13) الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سرا، ويهتضم حقها قهرا، وتمنع [ارثها] (14) جهرا، ولم يطل العهد ولن يخلق منك الذكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى وفيك أجمل العزاء، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته " (15).

(١) التجلد: القوة.
(٢) فاضت نفسه: خرجت روحه.
(٣) التخالس: التسالب.
(٤) السهود: قلة النوم.
(٥) أو يختار: أي إلى أن يختار.
(٦) من الأمالي.
(٧) الكمد: الحزن الشديد.
(٨) في الأمالي: كمد منيخ.
(٩) الهضم: الظلم.
(١٠) الغليل: حرارة الجوف.
(١١) اعتلجت الأمواج: التطمت.
(١٢) عكفه: حبسه.
(١٣) الأعوال: رفع الصوت بالبكاء.
(١٤) من الأمالي.
(١٥) رواه الشيخ في أماليه ١: ١٠٨، عنه البحار ٤٣: ٢١١، أورد ذيله الكليني في الكافي ١: ٤٥٨، عنه البحار ٤٣: ١٩٣، النهج: الخطبة ٢٠٢، دلائل الإمامة: ٤٧، الإرشاد للمفيد:
١٦٥، كشف الغمة ٢: ١٤٧، تذكرة الخواص: 318.
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»
الفهرست