فرسيهما، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أنشدتك الله ان ذكرتك شيئا فذكرته أما تعترف به؟ فقال: نعم، فقال: أما تذكر يوما كنت مقبلا علي بالمدينة تحدثني، إذ خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرآك [معي] (1) وأنت تبسم إلي، فقال لك: يا زبير أتحب عليا؟ فقلت: وكيف لا أحبه وبيني وبينه من النسب والمودة في الله ما ليس لغيره، فقال: إنك ستقاتله وأنت ظالم له (2)، فقلت: أعوذ بالله من ذلك؟ فنكس الزبير رأسه ثم قال: إني أنسيت هذا المقام.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): دع هذا فلست بايعتني طوعا (3)؟ قال: بلى، قال:
فوجدت مني حدثا يوجب مفارقتي، فسكت، ثم قال: لا جرم والله ما قاتلتك، ورجع متوجها نحو البصرة.
فقال [له] (4) طلحة: مالك يا زبير تنصرف عنا سحرك ابن أبي طالب، فقال: لا ولكن ذكرني ما كان انسانية الدهر واحتج علي ببيعتي له، فقال طلحة: لا ولكن جبنت وانتفخ سحرك، فقال الزبير: لم أجبن لكن أذكرت فذكرت، فقال له عبد الله:
يا أبة جئت بهذين العسكرين العظيمين حتى إذا اصطفا للحرب، قلت: اتركهما وانصرف، فما تقول قريش غدا بالمدينة، الله الله يا أبة لا تشمت بنا الأعداء ولا تشمتن (5) نفسك بالهزيمة قبل القتال، قال: يا بني ما أصنع، وقد حلفت له بالله ألا أقاتله؟ قال [له] (6): فكفر عن يمينك ولا تفسد أمرنا، فقال الزبير: عبدي مكحول حر لوجه الله كفارة ليميني (7)، ثم عاد معهم للقتال. فقال همام الثقفي في فعل الزبير وما فعل وعتقه عبده في قتال علي (عليه السلام):
أيعتق مكحولا ويعصي نبيه * لقد تاه عن قصد الهدى ثم عوق أينوي بهذا الصدق والبر والتقى * سيعلم يوما من يبر ويصدق